الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ لِتَقْدِيرِ النُّحَاةِ فِي التَّعَجُّبِ إلَخْ) يَعْنِي لِتَفْسِيرِ النُّحَاةِ صِيغَةَ التَّعَجُّبِ بِذَلِكَ.(قَوْلُهُ وَبِنَحْوِ قُلْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بِأَنَّ فِيهِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ مَأْخُوذًا مِنْ الْآيَةِ فَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا هُوَ فِي إطْلَاقِ خُصُوصِ الصِّيغَةِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْمُفَسِّرِ فَلَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَعَ أَنَّ إرَادَتَهُ بَعِيدَةٌ مِنْ السِّيَاقِ، وَقَدْ يَخْتَارُ الثَّانِيَ وَيَمْنَعُ قَوْلَهُ فَلَا يَصْلُحُ إلَخْ بِاتِّفَاقِ الصَّرْفِيِّينَ عَلَى أَنَّ صِيغَتَيْ التَّعَجُّبِ مَا أَفْعَلَهُ وَأَفْعِلْ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ هَذَا التَّفْسِيرُ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِ قَتَادَةَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَالَهُ أَيْ فَسَّرَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ التَّفْسِيرِ أَخْذًا لَهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ.(قَوْلُهُ وَتَقْدِيرُ النُّحَاةِ إلَخْ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّضِيُّ أَنَّ مَعْنَى مَا أَحْسَنَ زَيْدًا فِي الْأَصْلِ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا أَعْرِفُهُ جَعَلَ زَيْدًا حَسَنًا، ثُمَّ نُقِلَ إلَى إنْشَاءِ التَّعَجُّبِ وَانْمَحَى عَنْهُ مَعْنَى الْجَعْلِ فَجَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي التَّعَجُّبِ عَنْ شَيْءٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ بِجَعْلِ جَاعِلٍ نَحْوُ مَا أَقْدَرَ اللَّهَ وَمَا أَعْلَمَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ مِنْ اللَّفْظِ عَلَى ثَمَرَتِهِ، وَهِيَ التَّعَجُّبُ مِنْ الشَّيْءِ سَوَاءٌ كَانَ مَجْعُولًا وَلَهُ سَبَبٌ أَوْ لَا إلَى أَنْ قَالَ بَلْ مَعْنَى مَا أَحْسَنَ زَيْدًا وَأَحْسِنْ بِزَيْدٍ الْآنَ أَيْ حَسَّنَ حَسَّنَ زَيْدًا. اهـ.(قَوْلُهُ بِمَا يُنَاسِبُهُ) خَبَرٌ؛ لِأَنَّ أَيْ يُقَدَّرُ بِمَا إلَخْ.(وَمَا وَجَدْته) أَيُّهَا النَّاظِرُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ (مِنْ زِيَادَةِ لَفْظَةٍ) أَيْ كَلِمَةٍ كَظَاهِرٍ وَكَثِيرٍ فِي قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ (وَنَحْوِهَا) كَالْهَمْزَةِ فِي أَحَقِّ مَا يَقُولُ الْعَبْدُ فَإِنَّهَا جَزْءُ كَلِمَةٍ لَا كَلِمَةٌ (عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَاعْتَمِدْهَا فَلَابُدَّ مِنْهَا) أَيْ لَا غِنَى وَلَا عِوَضَ عَنْهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْحُكْمِ أَوْ الْمَعْنَى أَوْ ظُهُورِهِ عَلَيْهَا (وَكَذَا مَا وَجَدْته) فِيهِ (مِنْ الْأَذْكَارِ) جَمْعُ ذِكْرٍ وَهُوَ لُغَةً كُلُّ مَذْكُورٍ وَشَرْعًا قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ (مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَاعْتَمِدْهُ فَإِنَى حَقَّقْته) أَيْ ذَكَرْته وَأَثْبَتُّهُ وَأَصْلُهُ لُغَةً صِرْت مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ كَتَحَقَّقْتُهُ (مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ) وَهُوَ لُغَةً ضِدُّ الْقَدِيمِ وَاصْطِلَاحًا عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ أَحْوَالُ ذَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَصِفَةً (الْمُعْتَمَدَةِ) فِي نَقْلِهِ لِاعْتِنَاءِ أَهْلِهِ بِلَفْظِهِ، وَالْفُقَهَاءُ إنَّمَا يَعْتَنُونَ غَالِبًا بِمَعْنَاهُ دُونَ غَيْرِ الْمُعْتَمَدَةِ فَفِيهِ حَثٌّ عَلَى إيثَارِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْثِرُ الْمُعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهِ (وَقَدْ أُقَدِّمُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفَصْلِ لِمُنَاسَبَةٍ) أَيْ لِوُقُوعِ النِّسْبَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَجْهٌ مُنَاسِبٌ (أَوْ اخْتِصَارٌ) قَبْلَ أَحَدِهِمَا كَافٍ لِاسْتِلْزَامِهِ الْآخَرَ انْتَهَى.وَيُرَدُّ بِمَنْعِ الِاسْتِلْزَامِ إذْ قَدْ تُوجَدُ مُنَاسَبَةٌ بِلَا اخْتِصَارٍ بَلْ قَدْ لَا تُوجَدُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ، وَقَدْ يُوجَدُ اخْتِصَارٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ كَمَا وَقَعَ لَهُ أَوَّلَ الْجِرَاحِ فَإِنَّهُ أَخَّرَ بَحْثَ الْمُكْرَهِ عَنْ بَحْثِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ لِيَجْمَعَ أَقْسَامَ الْمَسْأَلَةِ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ (وَرُبَّمَا) لِلتَّقْلِيلِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ قِيلَ إنَّهَا لِلتَّكْثِيرِ أَكْثَرَ، وَقَدْ قِيلَ بِهِمَا فِي: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}.(قَدَّمْت فَصْلًا) وَهُوَ لُغَةً الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ فِي الْكُتُبِ كَذَلِكَ لِفَصْلِهِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَسَائِلِ وَأَنْوَاعِهَا (لِلْمُنَاسَبَةِ) كَفَصْلِ كَفَّارَاتِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْإِحْصَارِ (وَأَرْجُو) مِنْ الرَّجَاءِ ضِدُّ الْيَأْسِ فَهُوَ تَجْوِيزُ وُقُوعِ مَحْبُوبٍ عَلَى قُرْبٍ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} أَيْ لَا تَخَافُونَ عَظَمَتَهُ مَجَازٌ يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ (إنْ) عَبَّرَ بِهَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلرَّجَاءِ إذَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مَعَ رَجَائِهِ مُلَاحِظٌ لِمَقَامِ الْخَوْفِ الْمُقْتَضِي لِلتَّرَدُّدِ فِي التَّمَامِ اللَّازِمِ لِلْمَرْجُوِّ (تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) الْحَاضِرُ ذِهْنًا وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي أَوَّلِ شَرْحِي لِلْإِرْشَادِ وَتَقَدُّمُهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ فِي مَوَاضِعَ، وَقَدْ تَمَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ) مِنْ شَرْحِ كَشْفٍ وَبَيَّنَ (لِلْمُحَرَّرِ) لِقِيَامِهِ بِأَكْثَرِ وَظَائِفِ الشُّرَّاحِ مِنْ إبْدَالِ الْغَرِيبِ وَالْمُوهِمِ وَذِكْرِ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانِ أَصْلِ الْخِلَافِ وَمَرَاتِبِهِ وَضَمِّ زِيَادَاتٍ نَفِيسَةٍ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا ذِكْرُ نَحْوِ الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيقِ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ شَرْحًا ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ أُسْقِطُ (مِنْهُ شَيْئًا) بِحَسَبِ مَا عَزَمْت عَلَيْهِ (مِنْ الْأَحْكَامِ) الَّتِي فِي نُسْخَتِي، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَا ذَكَرْته مَا يُفْهِمُ مَا حَذَفْته فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِحَذْفِهِ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ.وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ وَالشَّيْءُ لُغَةً عِنْدَ أَكْثَرِ أَئِمَّتِنَا مَا يَصِحُّ أَنْ يُعْلَمَ وَيُخْبَرَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ آخَرِينَ كَالْبَيْضَاوِيِّ حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْجُودِ مَجَازٌ فِي الْمَعْدُومِ وَلَمْ تَخْتَلِفْ الْأَشَاعِرَةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَوْجُودِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي شَيْئِيَّةِ الْمَعْلُومِ بِمَعْنَى ثُبُوتِهِ فِي الْخَارِجِ وَعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ فَعِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ لَا وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ نَعَمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَوَافَقُونَا عَلَى أَنَّ الْمُحَالَ لَا يُسَمَّى شَيْئًا وَمَحَلُّ بَسْطِ ذَلِكَ كُتُبُ الْكَلَامِ (أَصْلًا) هِيَ عُرْفًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ مَصْدَرًا أَوْ حَالًا مُؤَكَّدَةً لِلَا أَحْذِفُ أَيْ مُسْتَأْصِلًا أَيْ قَاطِعًا لِلْحَذْفِ مِنْ أَصْلِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ اسْتَأْصَلَهُ قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَا) أَحْذِفُ مِنْهُ شَيْئًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ (مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ وَاهِيًا) أَيْ ضَعِيفًا جِدًّا مَجَازٌ عَنْ السَّاقِطِ (مَعَ مَا) أَيْ آتِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَصْحُوبًا بِمَا (أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ النَّفَائِسِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (وَقَدْ) لِلتَّحْقِيقِ (شَرَعْت) بَعْدَ شُرُوعِي فِي ذَلِكَ الْمُخْتَصَرِ كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ أَوْ مَعَ شُرُوعِي فِيهِ عُرْفًا وَلَا يُنَافِيهِ ذَلِكَ السِّيَاقُ وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّمَامِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي الذِّهْنِ (فِي جَمْعِ جَزْءٍ) أَيْ كِتَابٍ صَغِيرِ الْحَجْمِ تَشْبِيهًا بِمَعْنَى الْجُزْءِ لُغَةً وَهُوَ بَعْضُ الشَّيْءِ (لَطِيفٍ) حَجْمُهُ جِدًّا (عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِجُزْءٍ (لِدَقَائِقَ) جَمْعُ دَقِيقَةٍ وَهِيَ مَا خَفِيَ إدْرَاكُهُ إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَأَمُّلٍ (هَذَا الْمُخْتَصَرِ) مِنْ حَيْثُ اخْتِصَارُهُ لِعِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لَا لِكُلِّ دَقَائِقِ الْكِتَابِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ لَفْظُ الْمُخْتَصَرِ، وَصَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُ (وَمَقْصُودِي بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْحِكْمَةِ) أَيْ السَّبَبِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا فِي نَحْوِ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ الْمُتَوَفِّرَ فِيهِمَا سَائِرُ شُرُوطِ الْكَمَالِ وَمُتَمِّمَاتِهِ (فِي الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَفِي إلْحَاقِ) الزَّائِدِ عَلَى الْمُحَرَّرِ بِلَا تَمْيِيزٍ مِنْ (قَيْدٍ) لِلْمَسْأَلَةِ (أَوْ حَرْفٍ) فِي الْكَلَامِ كَالْهَمْزَةِ فِي أَحَقَّ (أَوْ شَرْطٍ لِلْمَسْأَلَةِ) وَهُوَ بِالسُّكُونِ لُغَةً تَعْلِيقُ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ بِمِثْلِهِ، وَاصْطِلَاحًا مَا يَأْتِي أَوَّلَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ الشَّرْطُ يُرَادِفُ الْقَيْدَ، وَرُجِّحَ أَنَّ مَآلَهُمَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مِنْ أَقْسَامِ الْقَيْدِ مَا جِيءَ بِهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ نَقِيضُ الشَّرْطِ (وَنَحْوُ) مُبْتَدَأٌ (ذَلِكَ) وَهُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَمَا قَدْ يَخْفَى وَمِنْهُ بَيَانُ شُمُولِ عِبَارَتِهِ لِمَا لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ، وَيَصِحُّ جَرُّ نَحْوُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَأَكْثَرُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ) وَهِيَ مَا لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ، وَتَفْسِيرُهَا بِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ قَاصِرٌ فَمِنْ ثَمَّ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (الَّتِي لَابُدَّ مِنْهَا) لِمُرِيدِ الْكَمَالِ بِمَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ عَلَى وَجْهِهَا، قَالَ الشُّرَّاحُ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ بَلْ حَسَنٌ كَزِيَادَةِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَمَعَ ذِكْرِ أَصْلٍ لَهُ فِي الطَّلَاقِ وَوَجْهُ حُسْنِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا لَعَلَّهُ يَخْفَى فِي مَحَلٍّ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِيهِ.وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجُوهُ بِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ نَظِيرُ وَلَا يَتَكَلَّمُ السَّابِقَةُ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ بِهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ إلْحَاقِ الْحَرْفِ فَإِنَّهُ بَعْضُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ لَكِنْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ النَّفَائِسِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ مُطْلَقُ الْكَلِمَةِ وَلَوْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ اتَّجَهَ مَا قَالُوهُ كَمَا أَنَّهُ مُتَّجَهٌ عَلَى جَرٍّ نَحْوُ (وَعَلَى اللَّهِ) لَا غَيْرِهِ (الْكَرِيمِ) بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ أَوْ مُطْلَقًا وَمِنْ ثَمَّ فُسِّرَ بِأَنَّهُ الَّذِي عَمَّ عَطَاؤُهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ بِلَا سَبَبٍ مِنْهُمْ وَتَفْسِيرُهُ بِالْعَفُوِّ أَوْ الْعَلِيِّ بَعِيدٌ (اعْتِمَادِي) بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرنِي عَلَى الشُّرُوعِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا كَاَلَّذِي سَبَقَ إيذَانٌ بِسَبْقِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ (وَإِلَيْهِ) لَا إلَى غَيْرِهِ (تَفْوِيضِي) مِنْ فَوَّضَ أَمْرَهُ إلَيْهِ إذَا رَدَّهُ رِضًا بِفِعْلِهِ وَاعْتِقَادًا لِكَمَالِهِ (وَاسْتِنَادِي) فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ وَالِاعْتِمَادُ وَالِاسْتِنَادُ يَصِحُّ أَنْ يُدَّعَى تَرَادُفُهُمَا، وَأَنَّ الِاعْتِمَادَ أَخَصُّ وَلَمَّا تَمَّ رَجَاؤُهُ بِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ قَدَّرَ وُقُوعَ مَطْلُوبِهِ.فَقَالَ (وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ) أَيْ بِتَأْلِيفِهِ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ (لِي) فِي الْآخِرَةِ إذْ لَا مُعَوَّلَ إلَّا عَلَى نَفْعِهَا (وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَاقِيهِمْ أَوْ جَمِيعِهِمْ مِنْ السُّؤْرِ أَوْ سُورِ الْبَلَدِ بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ كِتَابَةٍ وَنَقْلٍ وَوَقْفٍ، وَنَفْعُهُمْ يَسْتَلْزِمُ نَفْعَهُ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهِ (وَرِضْوَانُهُ عَنِّي وَعَنْ أَحِبَّائِي) بِالتَّشْدِيدِ وَالْهَمْزِ أَيْ مَنْ يُحِبُّونِي وَأُحِبُّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ زَمَنُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ كُلَّ مَنْ اتَّصَفَ بِكَمَالٍ سَابِقًا وَلَاحِقًا.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ أَيُّهَا النَّاظِرُ) وَإِنَّمَا خَاطَبَ النَّاظِرَ بِهَذَيْنِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُمَا وَقَعَا مِنْ النُّسَّاخِ أَوْ مِنْ الْمُصَنِّفِ سَهْوًا شَرْحُ م ر.(قَوْلُهُ كَالْهَمْزَةِ فِي أَحَقَّ) قَضِيَّةُ تَعْرِيفِ الْكَافِيَةِ لِلْكَلِمَةِ أَنَّ هَذِهِ الْهَمْزَةَ كَلِمَةٌ، وَيُمَثِّلُ لِلنَّحْوِ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ فِي قَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ.(قَوْلُهُ فَاعْتَمَدَهَا) جَوَابُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ فَلَابُدَّ مِنْهَا لِلتَّعْلِيلِ.(قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْحُكْمِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْيَاءِ فِي قَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ فَإِنَّهَا أَفَادَتْ الْبُطْلَانَ فِي الْحَبَّتَيْنِ مَنْطُوقًا وَفِي الْحَبَّةِ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى.(قَوْلُهُ مَسَائِلُ الْفَصْلِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْفَصْلِ إشْعَارًا بِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَدِّمُ مِنْ فَصْلٍ إلَى غَيْرِهِ فِي الْبَابِ، وَلَوْ أَطْلَقَ شَمِلَ التَّقْدِيمَ مِنْ بَابٍ أَوْ كِتَابٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ إذْ مِنْ شَأْنِهِ فَوَاتُ الْمُنَاسَبَةِ وَالِاخْتِصَارِ.(قَوْلُهُ أَوْ اخْتِصَارٌ) يَنْبَغِي جَعْلُ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ لَا جَمْعٍ إذْ قَدْ تَجْتَمِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالِاخْتِصَارُ وَوَجْهُ حُصُولِ الِاخْتِصَارِ بِالتَّقْدِيمِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ قَدْ يَتَنَاوَلُ مَعَ مَا قُدِّمَ عَلَيْهِ فِي عَامِلٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَكْتَفِي لَهُمَا بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ.(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ إلَخْ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْقَائِلُ إنَّ الِاخْتِصَارَ مُنَاسَبَةٌ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُنَاسَبَةِ كَافٍ فَلَا يَنْهَضُ هَذَا الرَّدُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِمَنْعِ الِاسْتِلْزَامِ إلَخْ أَقُولُ وَلَوْ سُلِّمَ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا قَدْ يُقْصَدُ بِخُصُوصِهِ إذْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا.(قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْكُتُبِ كَذَلِكَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُسَمَّى الْفَصْلِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ لَفْظَ فَصْلٍ بَلْ بِالْجُمْلَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْأَلْفَاظِ أَوْ الْمَسَائِلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ فَمُسَمَّى الْفَصْلِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي بَابِ الْحَدَثِ يُقَدِّمُ دَاخِلَ الْخَلَاءِ يَسَارَهُ إلَى بَابِ الْوُضُوءِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لُوحِظَ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَصْلًا كَوْنُهَا فَصَلَتْ بَيْن بَابِ الْوُضُوءِ وَبَابِ الْحَدَثِ وَلَعَلَّهُ بَعِيدٌ.وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إنَّمَا لُوحِظَ فِي ذَلِكَ التَّسْمِيَةِ أَنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ مَفْصُولَةٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ لِلْمُنَاسَبَةِ) لَمْ يَقُلْ أَوْ الِاخْتِصَارُ كَأَنَّهُ لِبُعْدِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَانَ يَحْصُلُ بِالتَّقْدِيمِ اشْتِرَاكُ الْفَصْلَيْنِ فِي تَرْجَمَةٍ عَامَّةٍ أَوْ بَعْضُ مَسَائِلِهَا فِي نَحْوِ عَامِلٍ أَوْ خَبَرٍ.(قَوْلُهُ فِي التَّمَامِ اللَّازِمِ لِلْمَرْجُوِّ) قَدْ يُفْهِمُ هَذَا الْكَلَامُ أَنَّ الْمَرْجُوَّ هُوَ الْمُعَلَّقُ بِأَنَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْهُ بَلْ الْمَرْجُوُّ أَنْ يَكُونَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُعَبَّرْ بِأَنَّ فِي الْمَرْجُوِّ بَلْ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْمَرْجُوُّ وَقَوْلُهُ لِلْمَرْجُوِّ أَيْ كَوْنُ هَذَا الْمُخْتَصَرِ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ.(قَوْلُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ إلَخْ) مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ كُلُّهُ وَإِلَّا نَافَى إنْ تَمَّ فَلَابُدَّ مِنْ كَوْنِ الْإِشَارَةِ لِمَا فِي الذِّهْنِ، وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُشَارَ لِلْخَارِجِيِّ.(قَوْلُهُ أَوَّلَ شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدُ فَهَذَا مُخْتَصَرٌ إلَخْ وَمَا بَيْنَهُ تَبِعَ فِيهِ الدَّوَانِيَّ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا عِيسَى وَصَنَّفَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَسَنُوَضِّحُ الْمَقَامَ فِي حَاشِيَتِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَعَمْ كَوْنُ الْإِشَارَةِ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ هَذِهِ لِمَا فِي الذِّهْنِ هُوَ الْمُنَاسِبُ فَتَأَمَّلْهُ.
|